رئيس مجلس الشيوخ للمعهد العالي للدراسات الإسلامية واللغة العربية (STIBA) ماكسر، الأستاذ الدكتور محمد يسران أنصار، افتتح محاضرة افتتاحية للفصل الدراسي الثاني في المعهد STIBA ماكسر. كان محور حديثه في كلماته الترحيبية عن “دور المسلمين في تحديد الاتجاه السياسي في إندونيسيا” وكان الموضوع لم يسبق الكلام عنه من قبل، وذلك بمناسبة انتخاب الرئاسة الجمهوية في إندونيسيا
بدأ الأستاذ الدكتور محمد يسران أنصار كلماته يتحدّث عن أهمية العلم في الإسلام، لأن النبي ﷺ قال: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) رواه ابن ماجه. ثم طرح سؤالا: أي علم يجب علينا تعلمه؟
وأجاب: أن في الأحكام التكليفية هناك فرض عيني وفرض كفاية، وتتعين فرضية تعلم العلم عندما كانت الحاجة إليه ماسة، كفرضية معرفة الاتجاه السياسي
و في كلامه عن الانتخابات القادمة، حث الأستاذ يسران الطلاب الطلاب على تحديد موقفهم في اختيار الرئيس الجمهوري، كما أنه يرجو أن يكون لدى الطلاب معرفة بمن يستحق لمنصب الرئاسة
و أكد على أهمية الاستفادة من آيات القرآن التي تلاها القارئ في بداية البرنامج، وهي آيات من سورة البقرة المتعلقة بإمامة نبي الله إبراهيم عليه السلام
حيث قال الله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: 124) يستفاد منها بأن الله ﷻ قبل أن يُمكّن إبراهيم بالإمامة، ابتلاه بامتحانات وأتمهن. هذا يدل على أن الرئيس الحقيقي هو من اجتاز امتحانات الحياة بنجاح
و استشهد الأستاذ يسران بقول الإمام الشافعي رحمه الله: “لا يُمكّن حتى يُبتلى”، جوابا على سؤال الرجل للشافعي: أيما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يبتلى؟ فقال: “لا يُمكّن حتى يُبتلى” فالصبر على البلاء هو سبب تمكين الله على العباد
وذكر ألأستاذ يسران بأن في الآيات المقروءة إشارة إلى مدى اهتمام الرئيس بأمر العبادة كما جاء في الآية: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(البقرة: 125). فيها دلالة على أن الرئيس يجب أن يكون قدوة في العبادة كما يجب عليه أن يوفرلمجتمعه مكان العبادة ليكونوا عباد الله الصالحين. فالرئيس المثالي هو من يحافظ على صلاواته، ويستطيع أن يؤم مجتمعه في صلاتهم.
وفي الآيات المقروءة بيان عن فضل دعاء الرئيس لصلاح أمته ووطنه، بين ذلك الأستاذ يسران مستندا إلى قصة النبي إبراهيم عليه السلام من قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ…) (البقرة: 126) دعاؤه دليل على اهتمامه بمجتمعه و وطنه، ورغبته في أن يكون بلده مباركا
تطرق الأستاذ يسران أيضا في بيانه إلى فكرة النبي إبراهيم عليه السلام في أمر الإمامة والرئاسة، أن الرئاسة لا تدخل من ضمن الورثة، فالأبناء والأحفاد ليس لهم حق في أن يرثوا رئاسة أبيهم، وأنما الذي يستحقها من كان تقيّا، قال تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة: 124)
إضافة إلى ذلك، وضح الأستاذ يسران أيضًا صفة الرئيس الصالح أنه أهتم اهتماما بالغا لمستقبل الأجيال القادم، فقد دعا إبراهيم ربّه أن يرسل رسلًا من بين الأجيال، قال تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 129) فيها تأكيد على أهمية تربية الأجيال بالإيمان والعلم
النقطة الأخيرة من تدبر الآية المقروءة في المحاضرة الافتتاحية هي قوله تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون)َ (البقرة:134)
رأى الأستاذ يسران أن هذه الآية تعطي وجهة نظر حول قدرة المسلم كيف يستطيع أن ينظر إلى الماضي والمستقبل. فالأمم الماضية كان لها أدوارها وإنجازاتها، لهم أجرهم مما كسبوا، فليسأل المسلمون أنفسهم ماذا بذلوا لخير مستقبل الأمة، لأنهم سيسألون عن ذلك.
أضاف الأستاذ يسران أن هذه الآية أيضا تدل على أن المسلم لا يفخر بإنجازات أسلافه فقط، بل يجب عليه أن يكسب و يقدم لهذه الأمة مستقبلا باهرا، التاريخ القرآني ليس حديثا يفترى أو يفتخر به، ولكن التاريخ عبرة ومصدر إلهام لخير مستقبل الأمة.
وختاما دعا الأستاذ يسران في آخر كلماته قائلا: “نسأل الله سبحانه وتعالى أن يولّ علينا خيارنا، يرشدون الناس إلى الخير والهدى، اللهم بارك بلادنا وأمتنا، واجعلنا جزءًا من عناصر التغيير.
